الذي طار فوق دمشق قال أعرفها والذي ولد فيها وعرف مداخلها ومخارجها وطباع أهلها وعاداتهم وتقاليدهم قال أعرفها وشتان بين المعرفتين ، قد تقول لإنسان أتعرف الله يقول لك أعوذ بالله ؛ الله ربنا خالق كل شيء .
كل هذه الأمثلة أردت منها أنه ما كل من قال أعرف الله عرفه ؛ و فرق كبير بين إنسان سمع خطبة تحدث فيها الخطيب عن إله عظيم خالق الأرض والسموات و عنده جنة ونار ؛ وله أنبياء ؛ وبين إنسان يعرج في مراتب القرب ؛ بين هذا وذاك مراتب كثيرة ، هناك إنسان إذا نظر إلى أي شيء في الأرض يرى الله عز وجل إن شرب كأس ماء وإن نظر إلى ابنه إن أمسك تفاحة إن نظر إلى عصفور ؛ إن نظر إلى سمكة ؛ وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد .
فالله سبحانه وتعالى في هذه السورة يريد أن ينقلنا من مرتبة العباد إلى مرتبة العلماء ، بين العالم والعابد مسافة كبيرة ، العابد له درجة لا يتخطاها لو أنه عبد الله ألف شهر أو ثمانين عاماً هو هو معرفته هي هي مستواه لا يزيد ؛ درجته لا ترقى مقامه لا يزداد قربه و لا يقل ؛ العابد بذلك تحت خطر أن يقع في معصية لأنه هش المقاومة سريع المأخذ ، لكن الذي عرف الله عن طريق البحث الفكري وعن طريق التأمل في آيات الله عزوجل هذا الإنسان لو قطعته إربا إربا يقول لك أحد أحد هذا الإنسان كل يوم يزداد من الله قرباً ؛ يوماه لا يتساويان إذا تساوى اليومان فهو مغبون لذلك و لا تظنن أن التدين صوم وصلاة وحج وزكاة وانتهى الأمر، فهذه هي العبادة وإذا كانت العبادة في الماضي يوم كان الناس بخير ، يوم كانت الطرقات لا منكر فيها ، يوم كان الناس يخشون الله يومها العبادة ربما كانت تنجي صاحبها ؛ أما اليوم العبادة وحدها لا تنجي صاحبها لأن الفتن على قدم وساق ، الفتنة يقظة والدنيا اليوم خضرة نضرة ، الدنيا اليوم تغر وتضر وتمر ؛ الدنيا اليوم مغرية لذلك لا تنفع معها العبادة لا ينفع معها إلا العلم ؛ العلم يقي صاحبه من الفتنة .
العلم خير من المال لأن العلم يحرسك وأنت تحرس المال ؛ والمال تنقصه النفقة والعلم يزكو على الإنفاق ، فلذلك كأن الله سبحانه وتعالى يدعونا في هذه السورة الكريمة إلى أن نترك مرتبة العبادة إلى مرتبة العلم .
العبادة طاعة على وتيرة ثابتة لكن العالم في كل يوم يرقى كلما قرأ القرآن يرقى ؛ كلما تكلم عن الله يرقى لأنه عقل عن الله شيئاً ثميناً هذا الشيء يرفعه في مدارج القرب .
ربنا سبحانه وتعالى يقول :